نجاحي من صنع أمي: قصة نجاح مؤسس عملاق الأغذية التركية "اولكر"

التنمية برس/ خاص:

●أولكر 1920 القرم - 2012 انقرة، اكبر مصنع منتجات غذائية في تركيا ، تصدر منتجاتها إلى 110 بلد حول العالم ، تصل عائداتها السنوية اكثر من 820 مليون دولار , انها افضل قصة ريادة اعمال من الصغر عرفتها .

تأسست أولكر منذ عام 1944 على يد صبري أولكر ، وكانت عبارة عن متجر صغير لصنع المعجنات حيث كانت تعد امه المعجنات الخفيفة والبسكويت ويبيعها في المتجر واحيانا كان يأخذها بعربة صغيرة إلى الحدائق والساحات ، وبعد اربع سنوات في عام 1948 استطاع جمع مبلغ من المال لافتتاح مصنع أولكر .. حتى عام 1970 توسع نطاق الأعمال ليبدأ بالتصدير إلى اسواق الشرق الاوسط ، و تصنيع الشوكولا .. في نهاية القرن العشرين أصبح أولكر يصنع المارغرين ( زبدة المائدة ) و الزيوت النباتية و منتجات الألبان . في عام 2002 تنوعت منتجات الشركة لتصل إلى المشروبات الغازية ، وفي 2003 أضافت الشركة لمنتجاتها القهوة التركية الشهيرة و الآيس كريم و أغذية الأطفال .

يعمل في الشركة أكثر من 11 ألف موظف ودائما تحتل المراكز الخمسة الأولى في قائمة أفضل المصنعين في تركيا ، أولكر هذا الوحش المرعب القادم من بعيد بتوسع محفظة منتجاته شيئاً فشيئاً وصل به الحال إلى منافسة كوكا كولا بحد ذاته !

اطلقت أولكر عام 2003 مشروباً غازياً سمته cola turka ليضاف للقائمة العريضة من المنتجات كالبسكويت و الشوكولا و الألبان والعصائر و أغذية الأطغال ، نجاح المشروب الغازي التركي اقتطع من حصة كوكا كولا في تركيا بنسبة 10 % .

حصلت أولكر على جائزة Candy Company of the Year في أوربا عام 2004 و استحوذت عام 2007 على شركة Godiva للشوكولا بصفقة قيمتها 850 مليون دولار . و تصل مبيعات أولكر في الأسواق العالمية ما قيمته 1.5 مليار دولار .

تملك أولكر حالياً شركة قابضة اسمها Yildiz Holding و أسست شركة أولكر ، مجموعة سمتها ” مجموعة أولكر ” مهمتها التركيز على الإنتاج و المبيعات والتسويق للعلامة التجارية ولمنتجات الشركة المتنوعة من الشوكولا و الحلويات والبسكويت و الويفر والعصائر و الحليب و العلكة و أغذية الأطفال و حتى حفاضات الأطفال و منتجات العناية الشخصية.

السيد صبري أولكر، مؤسس الشركة، قضى معظمه في سبيل تحقيق حلمه، وهو أن يحصل كل طفل، سواء كان غنيًّا أو فقيرًا، على قطعة من البسكويت والحلويات والشوكولاته ليستمتع بها.
هذا الحلم راود السيد صبري أولكر بعد أن عاش في صغره معاناة قاسية، حيث ولد عام 1920 في جزيرة القرم في أسرة بسيطة، وشاهد شيئًا كثيرًا من ظلم الاحتلال الروسي وتهجير الأسر المسلمة كبارًا وصغارًا من جزيرة القرم إلى سيبيريا وأعماق آسيا الوسطى قسرًا تحت تهديد السلاح، وقرر والده الهجرة إلى تركيا، ووصل صبري الصغير مع أسرته إلى إسطنبول عام 1929 على متن باخرة، وهكذا فُتِحَتْ في حياته صفحة جديدة. وفي المرحلة الابتدائية عمل في مصنع للبسكويت خلال إجازات الصيف، ولعله في أثناء عمله بذاك المصنع بدأ يفكر في تصنيع البسكويت.
وأتم صبري أولكر الابتدائية في إسطنبول، والمتوسطة في بيلاجيك والثانوية في كوتاهيا، وكان يحلم بأن يصبح مهندسًا، ولكن الظروف لم تسمح له بذلك، وعندما التحق بكلية السلطان أحمد للعلوم التجارية والاقتصادية كانت الحرب العالمية الثانية قد اندلعت، ونسي معظم الأطفال طعم البسكويت في تلك السنوات، وقرر الشاب صبري أن يقدِّم لهؤلاء الأطفال طعم البسكويت من جديد ليعيد إليهم الفرحة والبهجة، واشترى مع أخيه الكبير عاصم أولكر ورشة عمل صغيرة في منطقة أمينونو التاريخية عام 1944م لتصنيع البسكويت، وكانت تلك الورشة الصغيرة نقطة انطلاق شركة أولكر العملاقة التي أصبحت اليوم ماركة عالمية، والتي بدأت عملها بثلاثة عمال فقط ليصل اليوم إلى أكثر من ثلاثين ألف عامل وموظف يعملون في شركات أولكر المختلفة.

عاش السيد صبري أولكر حياة هادئة بخلاف كثير من الأغنياء ورجال الأعمال، ولم يكن يحب الظهور في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ولا التباهي بما يفعله من الأعمال الخيرية، ولا توجد له صور كثيرة، وأما زوجته السيدة غوزيدة أولكر التي توفيت في (أيلول) سبتمبر 2010 حياتهما كانت بعيدة عن الكاميرات وأضواء الحفلات وصخب الملاهي، وكان أكثر ما يستمتع به السيد صبري أن يرى نجاح شركته يكبر يومًا بعد يوم. وواظب على عمله إلى أن بلغ عمره 80 عامًا ليترك رئاسة مجموعة شركات أولكر إلى نجله مراد أولكر عام 2000.

لم تكن شركة أولكر مدعومة من مؤسسات الدولة، بل كانت وما زالت مصَنَّفة لدى المؤسسة العسكرية ضمن الشركات الإسلامية التي لا يسمح لها ببيع منتجاتها في المقاصف والمتاجر العسكرية. وهذا الأمر آلم السيد صبري طوال حياته؛ لأنه كان يرى منتجات شركته تباع في الأسواق والمتاجر المنتشرة في أنحاء العالم، ولكن جيش بلاده يحرمها من البيع في داخل المؤسسات العسكرية وكأنها منتجات العدو.

ومما تميز به السيد صبري أولكر ابتعاده عن الخوض في النقاشات السياسية وانشغاله بأعمال شركته، وكان معروفًا بتدينه وحبه للأعمال الخيرية خاصة في مجال التعليم، وكان يحظى باحترام معظم الجماعات الإسلامية وعموم الشعب التركي.

شركة أولكر رغم تدين صاحبها وتصنيفها من قبل العلمانيين المتطرفين ضمن الشركات الإسلامية التي تجب محاربتها ومقاطعة منتجاتها، لم تستغل الشعارات الدينية في ترويج منتجاتها، ولم تقل يومًا من الأيام للمواطنين المتدينين ”اشتروا منتجاتنا لدعم شركتنا”، كما يفعل البعض لترويج منتجات شركته الرديئة بحجة أنها ”إسلامية”، وإنما اعتمدت على جودة منتجاتها وأسعارها المناسبة للجميع، بالإضافة إلى الإعلانات التجارية وشبكة توزيع واسعة لتوفير منتجاتها في جميع أنحاء البلاد بسعر المصنع.

السيد صبري أولكر- رحمه الله- بدأ عمله من الصفر في ورشة عمل لا تتجاوز مساحتها مائة متر مربع، وأسس شركة أولكر للأغذية، وواصل ليله بنهاره ليترك خلفه شركة ”يلديز” القابضة التي تملك 54 مصنعًا في 10 دول، وتصدر منتجاتها المختلفة في شتى المجالات إلى 110 دول حول العالم، وتتجاوز عائداتها 10 مليارات دولار. وهذا الإرث الكبير والنجاح الباهر هما الآن في عهدة نجله مراد أولكر الذي رباه على مبادئ أسرته حتى يكون مؤهلاً لتحمل هذه المسؤولية ويضيف إلى نجاحات والده نجاحات أخرى، ويحمل الراية إلى الأجيال القادمة.

لا شك في أن حياة السيد صبري أولكر قصة نجاح باهرة بدأت فصولها في جزيرة القرم.

الوكيل الحصري في اليمن: شركة مسلم التجارية