محرك الاقتصاد الأول.. العنصر البشري

قبل 82 عاما وتحديدا في عام 1934م وصل خريج قسم الجيولوجيا من جامعة ستانفرد ( ماكس ستينكي ) الى المملكة العربية السعودية لبدء أول مهمة استكشاف للنفط وبعد جهود مستمرة ومضنية تجاوزت ال 6 سنوات اسفرت جهود الشاب الأمريكي جنبا الى جنب مع فريق العمل السعودي عن اكتشاف اول بئر بترول وهو ما يعرف حاليا بحقل بقيق وكان بداية العلاقات الاقتصادية الامريكية السعودية باستثمار رأس المال البشري الأمريكي الذي سبقنا الى العلوم الهندسية والتقنية وساهم في نقلها الينا مع ماكس ستينكي ورفقائه.

بدأت العلاقات الاقتصادية السعودية الامريكية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وتحديدا في 1931م عند بدء مفاوضات توقيع اول اتفاقية تعاون وقد استمرت هذه النقاشات والمفاوضات سنتين تقريبا ليتم توقيع اتفاقية التعاون في عهد المغفور له مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. وضع المؤسس – رحمه الله وطيب ثراه – بند نقل المعرفة الى السعوديين على رأس اهتماماته لتشمل هذه الاتفاقية نقل المعرفة وتطوير الإنسان قبل البنيان وهذا ما تم بحمد الله خلال العقود الماضية التي شهدت تمكيناً و مساندة لرأس المال البشري السعودي الذي يتولى حاليا وبكفاءة واقتدار إدارة المصانع والجامعات والمستشفيات والشركات وغيرها .

ولعل اقرب مثال على ذلك وزير البترول السابق معالي المهندس علي النعيمي عندما بدأ عاملاً صغيرا في شركة أرامكو وتابع دراسته وإصراره الى ان تسنم أعلى هرم وزاري في مجال الطاقة على مستوى العالم اجمع ليكون مثالاً لشباب الوطن ورسالة أثبتت للقاصي و الداني أن الشاب السعودي قادر و مؤهل ليشق طريقه ويثبت كفاءته عندما تتاح له انصاف الفرص.

فرضت المكانة السياسية والإقليمية تاريخيا للمملكة العربية السعودية في العالمين العربي والإسلامي هندسة علاقات ديبلوماسية واقتصادية من نوع فريد تتوازن فيه القوى والمواقف التفاوضية والاستراتيجية . ويمثل برنامج التحول الوطني الطموح والمرتكز على ثوابت اقتصاد منفتح و متنوع خارطة الطريق للخروج من الاقتصاد أحادي القطب المتمثل في النفط الى أرجاء أوسع و ميادين أرحب للاستثمار.

إن توفير الرؤية والرعاية والدعم لهذا التوجه الاستراتيجي لبرنامج التحول من قبل مجلس الوزراء المقر، أكسبت زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذا الأسبوع الى الولايات المتحدة الامريكية ثقلاً من نوع آخر وتوقعات في اتجاه أشمل لاستثمارات مستقبلية تضع المواطن المؤهل في محور المعادلة ولا ينحصر ذلك على اللفتة الأبوية من خادم الحرمين الشريفين لضم الطلاب الدارسين على حسابهم في الولايات المتحدة الامريكية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث في خطوة تؤكد ان أبناء الوطن المؤهلين هم ثروته الحقيقية.

المملكة العربية السعودية في عام 2016 لم تعد هي تلك المملكة التي قصدها السيد ماكس ستينكي قبل 82 عاماً عندما وجد نفسه الوحيد الذي يميلك شهادة جامعية في الجيولوجيا ! أبناء و بنات الوطن اليوم من آلاف المؤهلين و المؤهلات في مجالات هندسية و طبية و مهنية عليا يسابقون الزمن لرفعة وطنهم وتحقيق رؤية مليكهم خدمة لدينهم وتمهيد الطريق لأجيال المستقبل.

 

*صحيفة مال الاقتصادية

مقالات الكاتب