السلوك العدواني عند الأطفال

السلوك العدواني لدى الطفل يعد السلوك العدواني أحد أهم السلوكيات التي يتصف بها كثير من الأطفال في عصرنا الحاضر بدرجات متفاوتة, ويقصد به أي سلوك من شأنه إيقاع الأذى الجسدي أو النفسي أو الألم بالذات أو بالآخرين وبالأشياء، حيث يظهر بين الأخوة داخل الأسرة وبين الطلاب في المدرسة وفي الشوارع والأماكن العامة بأشكال مختلفة لفظية وبدنية، ومن أجل الوقاية من حدوث هذا السلوك عند الأطفال لا بد في البداية من التعرف على أهم الأسباب التي تدفع الأطفال في عصرنا الحاضر إلى التصرف بعدوانية:

1- التعرض لخبرات سيئة سابقة:
كأن يكون قد تعرض الطفل لكراهية شديدة من قبل معلمه أو كراهية من والديه أو رفض اجتماعي من قبل زملائه الطلاب أو رفض اجتماعي عام وغيرها؛ مما يدفع به إلى العدوانية في السلوك.

2-الكبت المستمر:
فقد يعاني الطفل ذو السلوك العدواني من كبت شديد ومستمر في البيت من قبل والديه أو إخوته الكبار، أو من المدرسة من قبل المعلمين والإدارة، فيؤدي هذا الكبت إلى دفع الطفل للتخفيف والترويح عن نفسه وإفراغ الطاقة الكامنة في جسمه، والتي تظهر على شكل عدوانية انتقاما من مواقف الكبت المفروضة عليه .

3- التقليد:
وهذا سبب مهم، حيث في كثير من الأحيان يظهر السلوك العدواني بدافع التقليد لما يقدم في الأفلام والمسلسلات حتى الكرتونية منها، ونجد في بعض الأحيان أن التقليد يكون للأب أو أحد الأخوة أو أحد أفراد المجتمع الذين يتسمون بالعنف والعدوانية، وفي النهاية نجد أن الطفل يقلد هذه المصادر، ولا يوجد مكان أحب إليه من إظهار قدراته ومهاراته القتالية من المدرسة حيث يبدأ في أذية زملائه ومعلميه، وقد يؤذي نفسه.

4- الشعور بالنقص:
قد يدفع شعور الطفل بنقصه من الناحية الجسمية أو العقلية أو النفسية، كأن يفقد أحد أعضائه، أو يسمع من يصفه بالحمق والغباء والألفاظ الجارحة، مما ينعكس على سلوكه تجاه الآخرين.

5-الفشل والإحباط المستمر:
قد يكون عامل الفشل كالرسوب المتكرر، أو الفشل في شئون الحياة الأخرى كالهزيمة في المسابقات والرياضات؛ مما يؤدي إلى التصرف بعدوانية كرد فعل تجاه هذا الفشل والإحباط.

6- تشجيع الأسرة على العدوان :
فهناك بعض الأسر تشجع على العنف والقسوة والعدوانية في التعامل مع الحياة ومع الناس، فيظهر ذلك جليًّا في أبنائها، حيث تظهر عندهم آثار العدوانية في ألعابهم وتعاملهم مع أقرانهم.

طرق الوقاية من حدوث السلوك العدواني لدى الأطفال

(أ) تجنب الممارسات والاتجاهات الخاطئة في تنشئة الأطفال:
إن التسيُّب في النظام الأسري والاتجاهات العدوانية لدى الآباء تجاه الأبناء تعمل على توليد سلوك عدواني لدى الأطفال من نفس البيئة الاجتماعية، وبالتالي قد يولد هذا العدوان ضعفًا وخللاً في الانضباط. وتفيد بعض الدراسات أن الأب المتسيب أو المتسامح أكثر من اللازم هو ذلك الأب الذي يستسلم للطفل، ويستجيب لمتطلباته ويدلـله، ويعطيه قدرًا كبيرًا من الحرية، أما الأب ذو الاتجاهات العدوانية غالبًا لا يتقبل ابنه ولا يستحسنه، وبالتالي لا يعطيه العطف ومشاعر الأبوة أو الفهم والتوضيح، فهؤلاء الآباء غالبًا ما يميلون لاستخدام العقاب البدني الشديد لأنهم تسلطيون، وهم بذلك يسيئون استخدام السلطة. ومع مرور الوقت وهذا المزيج السيئ من السلوكيات الوالديّة السلبية يُولَد الإحباط والعدوان لدى الأطفال بسبب السخط عند الطفل على أسرته ومجتمعه، وبالتالي التعبير عن هذا السخط بهذا السلوك؛ لذلك لا بد للآباء أن يكونوا قدوة حسنة للأبناء في تجسيد الوسائل الجيدة لحل المشكلات، وإرشاد الأطفال لحل المشكلات بالطريقة الصحيحة.

(ب) الإقلال من التعرض لنماذج العنف المتلفزة:
أظهرت نتائج كثيرة من الدراسات - كما ذكر - أن النماذج العدوانية التي يتعرض لها الأطفال في التلفاز تؤثر بشكل قوي في ظهور السلوك العدواني لدى الأطفال؛ وذلك لأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تلعب دورًا كبيرًا في تعلم النماذج السلوكية الإيجابية والسلبية. فعلى ضوء ذلك يجب أن توفر البرامج الفعالة ذات الأهداف الإيجابية للأطفال حتى يتم تعلم نماذج جيده وبناءة في سلوك الأطفال، فلو نظرنا إلى واقع الأفلام الكرتونية والقصص وغير ذلك فإننا نلاحظ أنها تعمل على تعليم الأطفال العدوان والأنانية لتحقيق الأهداف، وتبعث في نفوس الأطفال الخوف والقلق، وغيره من المشكلات التي لا يحبذ الأهل وجودها لدى أطفالهم؛ لما لها من تأثير سلبي لاحقًا على حياة الأطفال.

(ج) العمل على خفض مستوى النزاعات الأسرية:
لا تخلو الأسر غالبًا من وجود نزاعات زوجية بصرف النظر عن حدتها وأسبابها وطريقة هذه النزاعات. ومن المعروف أن الأطفال يتعلمون الكثير من السلوك الاجتماعي من خلال الملاحظة والتقليد، وعلى ضوء ذلك يتوجب على الوالدين أو الإخوة الكبار أن لا يعرّضوا الأطفال إلى مشاهدة نماذج من النزاعات التي تدور داخل الأسرة، وذلك لما له من أثر سلبي على الأبناء يتمثل في تعليم الأطفال طرقًا سلبيةً لحل النزاعات ومنها السلوك العدواني؛ فالبيئة الأسرية الخالية من النزاعات وذات الطابع الاجتماعي تنمي لدى الطفل الشعور بالأمن، وبالتالي استقرار الذات.

(د) تنمية الشعور بالسعادة عند الطفل:
إن الأشخاص الذين يعيشون الخبرات العاطفية الإيجابية كالسعادة وتوفير دفء وعطف الوالدين وحنانهم عليهم، يميلون لأنْ يكون تعاملهم مع أنفسهم ومع غيرهم بشكل لطيف وخالٍ من أي عدوان أو سلوك سلبي آخر. أما الأشخاص الذين تعرضوا لإساءة المعاملة من قبل الوالدين وإهمال عاطفي واجتماعي، فقد يسعون لاستخدام العدوان بأشكاله المختلفة، وذلك من أجل جلب انتباه الأسرة وإشعارها بوجوده وضرورة الاهتمام به.

إن إساءة المعاملة الجسمية والنفسية الموجَّهة نحو الأطفال كلها تؤدي إلى مشاكل وضعف في الجهاز العصبي المركزي، وقد تقود إلى توليد اضطرابات سلوكية وانفعالية.

(هـ) توفير الأنشطة البدنية الإيجابية للأطفال:
من المعروف أن الأنشطة البدنية الإيجابية كالرياضة بكافة أشكالها تعمل على استثمار الطاقة الموجودة لدى الأفراد، وتنمي كثيرًا من الجوانب لدى الأفراد؛ فتوفر مثل هذه الأنشطة خصوصًا لدى الأطفال في المراحل العمرية المبكرة يعمل على تصريف أشكال القلق والتوتر والضغط والطاقة بشكل سليم حتى لا يكون تصريف هذه الأشياء عن طريق العدوان، فقد ثبت من خلال العديد من الدراسات مدى أهمية وفاعلية الرياضة في خفض السلوك العدواني لدى الأطفال.

(و) تنظيم وترتيب بيئة للطفل:
إن إعادة ترتيب البيئة المنزلية والمدرسية للطفل التي تتضمن أماكن واسعة في غرف النوم والمعيشة وأماكن اللعب وغرف الفصول تعمل على التقليل من التوترات والانفعالات، وبالتالي تقطع الأمل في حدوث سلوك عدواني ناتج عن الضيق في مساحات اللعب وغيره؛ لأن ذلك يعطي فرصًا أكبر للأطفال للعب والحركة، كما أنه ينصح بوجود أشخاص راشدين كمراقبين لسلوك الأطفال لمنع حدوث المشاجرات بين الأطفال.

(ي) الإشراف على الطفل في النشاطات اليومية:
إن الأطفال الناضجين والأطفال غير الناضجين بحاجة ماسّة لوجود من يشاركهم اللعب وبالأحرى من يشرف على لعبهم، وهذا الإشراف يُبدِي للطفل المشارك في النشاط مدى اهتمام الراشد المشارك المراقب له، وبالتالي يحدّ من ظهور مشكلات سلوكية تنبع عن غياب الرقابة.

مقالات الكاتب