النقل البحري باب واسع لتحقيق النمو الاقتصادي في اليمن

.حبا الله الجمهورية اليمنية خيرات كثيرة ونعم كبيرة لو امتلكتها دولة أخرى لتغير حالها وتطور وضعها ولتم اللحاق بمصاف الدول ذات الاقتصاد المتقدم ومن هذه الخيرات والنعم موقعها الجغرافي المتميز الذي لو تم استغلاله بشكل صحيح لأصبحت البلد أحد الدول التي يشار لها بالبنان ولتغير حال مواطنيها.

فاليمن يقع في جنوب شبه الجزيرة العربية، ويحدها من الشمال السعودية ومن الجنوب البحر العربي وخليج عدن ومن الشرق سلطنة عمان ومن الغرب البحر الأحمر، وتنتشر مجموعة من الجزر في المياه الإقليمية لليمن في البحر الأحمر والبحر العربي موزعة على محاذاة الشاطئ اليمني ومن تلك الجزر جزيرة ميون (بريم ) التي تكمن في موقعها الاستراتيجي المتحكم في مضيق باب المندب، ويبلغ طول الساحل اليمني 2500 كيلو متر.

هذا الموقع الاستراتيجي لليمن على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وامتداد شواطئها لأكثر من 2500 كم وإشرافها على أحد أهم الممرات الملاحية في العالم وهو باب المندب يمكنها من تعزيز دورها في المنطقة في مجال النقل البحري وحركة السفن ويساعدها في ذلك ما تمتلكه الموانئ اليمنية من مزايا طبيعية كالحماية من الرياح وارتفاع أعماق المياه وغير ذلك.

ويعد النقل عبر البحر هو أهم وسائل نقل البضائع بين البلدان وركن من أركان تعزيز التنمية الاقتصادية والمنافسة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر في البنى الأساسية للنقل وخدماته ، وبالنسبة لليمن فالنقل البحري ركيزة من الركائز الأساسية لاقتصاد البلد نظراً لطول الساحل اليمني ولامتلاك اليمن لمجموعة من الموانئ وإطلاله على مضيق باب المندب الذي تمر منه قرابة 20000  سفينة سنوياً ، غير أن الوضع الاقتصادي في اليمن وفي ظل الصراع الموجود حاليا شهد تدهورا حادا فالناتج المحلي تقلص بنسبة 39% منذ نهاية عام 2014 وتسبب الصراع في توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية نظرا للانخفاض الكبير في الوظائف وعمليات القطاع الخاص وفرص الأعمال التجارية وارتفعت تكاليف التشغيل بشدة نتيجة انعدام الأمن ونقص الإمدادات والمستلزمات .

موانئ اليمن .. الموقع والخصائص

ذكرنا بأعلاه أهمية باب المندب وكونه الرابط لتجارة الشرق والغرب وعدد السفن التي تمر من خلاله والتي تزيد عن عشرين ألف سفينة سنويا وهذا ما يزيد أهمية الموانئ اليمنية على البحر العربي والبحر الأحمر لتقديم الخدمات البحرية للسفن المارة أو السفن التي تدخل تلك الموانئ غير أنه ومن أجل استغلال تلك الميزة في الموقع الجغرافي لابد وأن تكون تلك الموانئ لديها البنية التحتية والإمكانات المادية والبشرية وفقا والمتطلبات الدولية وأن يتم العناية والاهتمام بها من كافة الجوانب حتى تستطيع أداء مهامها على مبدأ التنافسية في تقديم الخدمات للسفن .

ومن المعلوم فإن الموقع الجغرافي للميناء وخصائص الميناء وإمكاناته ومساحاته ووسائل النقل المتوفرة فيها والكوادر المؤهلة وغير ذلك من ضمن الأسباب الرئيسة لتقدم الموانئ وتطورها، وحري بالذكر هنا مواصفات ميناء عدن كنموذج لأحد الموانئ اليمنية التي لم تلق الاهتمام المأمول حتى يتم استغلالها بشكل أمثل لتطوير اقتصاد البلد ، فميناء عدن يتكون من محطة عدن للحاويات وأرصفة مناولة السفن في المعلا وعدن الصغرى وحجيف والتواهي كذلك الحوض الداخلي لميناء عدن وممراته وقنواته الملاحية وحواجز الامواج ومراسي وطافيات الربط فيه، ويقع الميناء على الخط الملاحي الدولي الذي يربط الشرق بالغرب ولا تحتاج السفن لأكثر من 4 أميال بحرية فقط لتغيير اتجاهها للوصول إلى محطة إرشاد الميناء، ويتميز الميناء بأنه محمي طبيعياً من الأمواج والرياح الموسمية الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية وذلك لأنه يقع بين مرتفعي جبل شمسان (553 متر) وجبل المزلقم (374 متر) مما يمكنه من العمل دون توقف طوال العام ويغطي الميناء مساحة مقدرة بـ (8 اميال بحرية) من الشرق الى الغرب و (5 اميال بحرية) من الشمال الى الجنوب.

إن الاقتصاد البحري يعد حاليا أحد موارد الدول الرئيسية وكما أسلفنا فإن الحكومة اليمنية لو أعطت هذا الاقتصاد ما يستحقه من اهتمام لما كانت مؤسسات الدولة البحرية بهذا الضعف ولا أدل على ذلك من وضع الموانئ اليمنية ، وهنا يجب على الحكومة الحالية أن تغير استراتيجيتها في التعامل مع هذا المورد المهم و أن تشكل لجان متخصصة لدراسة الوضع والخروج بمعالجات مهمة تستفيد من خلاله من هذه المقدرات الكبيرة سواء كان عن طريق الخصخصة من خلال شركات متخصصة تدير الموانئ اليمنية أو تنشئ موانئ جديدة عن طريقها وتسلمها ادارتها عن طريق عقود التشغيل والتمليك مثل ما عملت الكثير من الدول الأجنبية والعربية ، أو عن طريق الاستغلال لها من خلال كوادر محلية متخصصة تسهم بقدر الإمكان بالرقي بهذه الإمكانات والاستفادة منها في تحقيق اقتصاد قوي للبلد.

مقالات الكاتب