الاصلاح الاقتصادي ضرورة لا تحتمل التأجيل

إن ضرورة الإصلاح الاقتصادي العاجل تنبع من عمق الأزمة الاقتصادية في البلاد ، انه طريق إجباري للحيلولة دون التحول من الازمة الى الانهيار الاقتصادي الشامل والذي سيتسبب وفق التقديرات الدولية في فشل كلي وانهيار اقتصادي تام وينتج مجاعة تحصد ارواح الناس بسبب الجوع وسوء التغذية ونقص الدواء وانهيار الخدمات وكلها ضرورات قصوى لحفظ الحياة.


كما ان ضرورة الإصلاحات تنبع من عمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة والتي تتجلى مظاهرها في العوامل الرئيسية التالية :
- غياب الاستقرار وذلك بسبب استمرار الحرب لسنوات وما سببته من انقسامات وتداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وانسانية خطيرة.
- خسارة وتبدد الموارد المالية للدولة من كافة المصادر داخلية وخارجية.
- تراجع الصادرات وبالذات صادرات النفط والغاز والصادرات الاخرى. 
- نفاذ رصيد الاحتياطيات من العملات الاجنبية بشكل خطير جدا.
- تراجع سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الاجنبية الى ارقام مخيفة جدا.
- الزيادة الجنونية في الاسعار بسبب انهيار العملة المحلية وضعف الموارد من العملات الاجنبية اللازمة لاستقرار سلاسل توريد السلع الغذائية الاساسية وتعرض الامن الغذائي للبلاد لمخاطر جدية.
- انهيار الوضع الانساني بشكل مخيف وكارثي حيث يصنف بالاسوء على مستوى العالم ولاول مرة في التاريخ تصل ارقام الفقراء الى اكثر من ثمانون في المائة من إجمالي عدد السكان.
- نسب البطالة المخيفة كنتيجة لغياب الاستثمار العام والخاص وتوقف الانتاج على مستوى اغلب القطاعات الانتاجية.
- غياب الدولة ومؤسساتها والشلل شبه التام في تأدية مهامها التنموية والخدمية والإنسانية.


إن الإصلاح الاقتصادي غدا مسألة حياة أو موت بالنسبة للبلد ويجب أن يتم حالا دون ادنى تأخير او تسويف ويجب أن يتحول الإصلاح الى قضية وطنية طارئة يشترك الجميع في إنجازها  كمؤسسات الدولة ورجال المال والاعمال ومنظمات المجتمع المدني وعموم السكان بالاضافة الى الدول والمنظمات الدولية المانحة.
ومن وجهة نظرنا فيجب أن يقوم الإصلاح الاقتصادي على المرتكزات التالية :
- الاصلاح الشامل لاقتصاد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا من اصلاح المؤسسات الايرادية ، كما تم من تغيير في قيادة البنك المركزي، ليمتد الى بقية القطاعات الايرادية العامة الاخرى.
- إعادة تفعيل القنوات الايرادية العامة الاخرى ومركزة الموارد والاستخدامات باعادة العمل بالميزانية العامة وفق الظروف المتاحة.
- وضع برنامج واضح وشفاف للإصلاح ينخرط فيه كل مكونات المجتمع رسمية وشعبية.
- اصلاح عام للادارة الحكومية وبالذات المشرفة على القطاعات الاقتصادية الايرادية .
- البحث عن مصادر متاحة لاعادة بناء احتياطي معقول من العملات الاجنبية لدعم العملة المحلية ووقف الانهيار وتلبية حاجات الاستيراد الضرورية.
- ضرورة وأهمية التزام الشفافية والمساءلة في وضع وتنفيذ ومراقبة ومراجعة تنفيذه وبالذات في جانب استخدام الاموال من المصادر المحلية والخارجية.
- ضرورة تعزيز رصيد الاحتياطي من العملات الاجنبية عبر وديعة عاجلة من دول التحالف.
- وقف الحرب وضرورة القيام بحل سياسي شامل للصراع في اليمن بما فيها تنفيذ اتفاقية الرياض.

ونعتقد ان الاصلاح العاجل مهمة وطنية استثنائية عاجلة يشترك فيها الجميع، وندعو بهذا الصدد لعقد مؤتمر اقتصادي وطني للانقاذ يطور برنامج شامل متفق عليه يتم برعاية فخامة رئيس الجمهورية واشراف رئيس الحكومة ويشترك فيه ممثلين لرجال المال والاعمال والخبراء الاكاديمين من مختلف التخصصات ويدعوا اليه المانحين والمنظمات الدولية لوضع برنامج للاصلاح وتبني طرق ووسائل للتنفيذ والمتابعة وتصحيح اي انحرافات وذلك في اقرب وقت ممكن.


ان الازمة حادة وقد تتحول الى انهيار اقتصادي وانساني شامل ومن الضرورة اشراك الجميع في تجاوزها وباسرع وقت ممكن.
د. حسين الملعسي
خبير اقتصادي

مقالات الكاتب