أين نحن من الإعلام التنموي.؟!

.لا أقول هذا من باب اليأس والاستسلام إلى الأمر الواقع وترك الحبل على الغارب.. لا أبدا، بل تذكيراَ بالواقع الأليم وتحفيز الهمم وأقول مع الشاعر العربي : (من طلب العلى سهر الليالي) ومن يطلب المجد بالتمني سوف يفنى حياته في طلب المحال وأقول هنا أيضا وما نيل المطالب بالتمني..ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

وفي ذات الوقت الذي ندعو فيه لشحذ الهمم من أجل النهوض بالتنمية..نؤكد أيضا الحقيقة التي لا نكل ولم نمل في الدعوة إليها وهي أن أي عملية شاملة لا تعتمد على وسائل الإعلام الجماهيري لشرح الأبعاد والمعطيات والعناصر المؤيدة والمضادة والدافعة لعجلة التنمية ولمنعها من الانطلاقة فان هذه العملية سوف تبوء بالفشل الذريع، لذلك فانه من الضروري التنبيه على وسائل الإعلام الجماهيري المختلفة أن لا تفرش طريق التنمية بالزهور والورود أمام الجماهير المتعطشة والمتطلعة للتنمية، وعلى هذه الوسائل أن لا تنزلق مع الوعود الفارغة التي تفتقد للموضوعية، والتي يلتجئ إليها الكثير من القادة السياسيين لذر الرماد في العيون، وتلهية الشعور بهم، والهروب إلى الأمام بدلا من مواجهة المشاكل التي تعترض طريق شعوبهم.

ولذلك نقول أن الإعلام التنموي عملية متكاملة وشاملة ومستمرة، تقتضيها ظروف التنمية والتي وللأسف قد توقفت عجلة التنمية في بلادنا بسبب الحرب، لكن يقتضى للتذكير إذا ما توقفت هذه الحرب فانه بات من الواجب علينا أن نستأنف مسار التنمية وتحريك عجلتها لتعوض ما خسره الوطن، وفي هذا الحال يتحتم على الإعلام التنموي أو الاقتصادي مواصلة المسيرة الإعلامية في هذا المجال لتشمل أولويات هذا الإعلام التخصصي وذلك بمعالجة قضايا التنمية، وتبيان مخاطر اقتصاد الحرب على الاقتصاد الوطني. وليتوسع التعاطي الإعلامي التنموي في مختلف مجالات التنمية الشاملة للوطن، من خلال تشخيص ومعالجة القضايا الاقتصادية الاجتماعية والثقافية ومجالات الصناعة والزراعة والتجارة والنشاطات الاقتصادية المختلفة وتربية الكوادر الفنية وقضايا الصحة والثقافة والتربية ومشاكل الطفولة والسكن والخدمات ذات العلاقة بالتنمية وغيرها، ولاشك أن هذا الشمول يقتضي إعلاما تنموياَ مستمراَ ومنسجما مع القمة والقاعدة.. كما يقتضي أن تكون هناك صلة قوية ودائمة ومنظمة بين الأقسام المختصة بالإعلام التنموي في أجهزة الإعلام والصحافة وبين الهيئات الدولية المماثلة المعنية بالشأن التنموي ذات التجارب الناجحة في هذا المجال.

.إن هذه المهمات هي جزء من مهمات عديدة وشاملة لابد أن يتولها الإعلام التنموي ويمكن أن تتكامل هذه المهمات مع الممارسة لتشمل جميع مناحي عمليات هذا الإعلام، وفي الحالات جميعها لابد من التأكيد على ضرورة الإسراع في أن يأخذ الإعلام التنموي دوره الضروري والفعال في عملية التنمية، خاصة وأن بلادنا هي اليوم الأحوج بعد الحرب إذا ما توقفت لأجل التنمية الناجحة والتي تساهم في تطور المجتمع وتضع مستوى حياة الشعب ورفع المعاناة منه، وختام القول أقول: حذار من أن تنزلق وسائل الإعلام إلى ما يفقدها المصداقية مع أولئك الذين يجادلون حل مشاكل شعوبهم بالخطب الرنانة بدلا من استعمال التخطيط العلمي والتنفيذ السليم والمتابعة الجادة للمشاريع الإنمائية وتصحيح الأخطاء إن وقعت أثناء التنفيذ وضبط مسارها إن اقتضت الضرورة أو الحاجة لذلك.

( مستشار صحيفة التنمية اليوم لشؤون التنمية*)

مقالات الكاتب