دور المجلس الرئاسي في ضبط التخبط الاقتصادي بعد الوديعة الثنائية

الجميع تابع مستجدات الوضع اليمني في كل جوانبه بدء من استمرار مزادات بيع العملة الأجنبية من قبل المركزي والتي يهدف من خلالها سحب أكبر قدر ممكن من السيولة المحلية من السوق محاولا السيطرة على سعر الصرف والمحافظة على العرض النقدي المتضخم والذي لا يعكس القدرة الضعيفة والمتآكلة للاقتصاد اليمني، والذي شهد أحيانا بيع الدولار من قبل المركزي بسعر أعلى من سعر السوق. والاستمرار في المزادات التي زادت مبالغها من 15 مليون دولار للمزاد الواحد إلى 20 مليون دولار. مؤشر إيجابي ويعكس قدرة المركزي على توفير العملة الأجنبية لكبح جماح سعر الصرف وفق قدراته.


الانخفاض المؤقت في سعر الصرف لم يقابله انخفاض يوازيه في أسعار السلع بسبب تخوف التجار من أي ارتداد مفاجئ نظراً لعدم وجود أي مؤشرات على قدوم أي وديعة لدعم الاقتصاد كنا كان يشاع حينها.


التغيرات السياسية العالمية ألقت بظلالها على الوضع في اليمن،  وكانت مؤشر إيجابي انعكس من خلال عقد مشاورات سياسية أفضت إلى تغيير شكل ونظام الحكم في اليمن الى مجلس رئاسي مكون من 7 أشخاص إضافة إلى رئيس المجلس واعطي للمجلس صلاحيات الرئاسة بالكامل وتم تفويضهم مباشرة لعقد مباحثات لانهاء الحرب. وتلاه مباشرة الإعلان عن دعم بما يعادل 3 مليار دولار مقدم من السعودية والإمارات. وهو ما أحدث ارباكا وتخبط في سعر الصرف منذ الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي. حيث انخفض سعر صرف الريال السعودي من 305 الى ما يقارب ال 200 ريال يمني للريال السعودي . ومازال سعر الصرف متقلب وهو وضع طبيعي في مثل هكذا حالة. وبالتأكيد سيفضي إلى خروج الكثير من شركات الصرافة من السوق كونها لن تحتمل مثل هذا الانخفاض ونظرا لضعف قدراتها المالية وفي رأيي يعتبر مؤشر إيجابي وفرصة لتقليل عددها الذي يقارب ال 300 شركة بحسب تصريح البنك المركزي الصادر مؤخرا. حيث يعتبر هذا العدد كبير جدا على اقتصاد مثل الاقتصاد اليمني..


ولن يكون الانخفاض في أسعار بيع السلع تبعا لهذا الانخفاض في سعر الصرف مالم يتبعه قرارات وإجراءات من قبل المركزي تحدث حالة اطمئنان لدى المواطنين والصرافين والتجار. حيث أن بعض الصرافين أصبح يشتري العملة الأجنبية ويحجم عن بيعها أو يضع سعر بيع مبالغ فيه مقارنة بسعر الشراء.


هنا يأتي دور البنك المركزي والجهات الرقابية المختصة لضبط السوق. وعلى المركزي إصدار بيان يوضح فيه أوجه صرف الوديعة الجديدة  وبما يتناسب مع الوضع الحالي ويستغله لإحداث استقرار في سعر الصرف. فالسوق سيظل يتخبط في انتظار وضوح الرؤية وهي فرصة لابد من استغلالها.


على أمل عدم تكرار سيناريو الوديعة السابقة التي لم تدم فعاليتها مع سياسة صرفها.


المطلوب تحقيق انخفاض في الأسعار يوازي الانخفاض في سعر الصرف بعد الاستقرار، ويأتي هنا دور الأجهزة الرقابية لضمان الانخفاض الذي يعكس النسبة والتناسب مابين سعر الصرف وأسعار السلع حتى يلمس المواطن التحسن على أرض الواقع لا العالم الافتراضي.

* أستاذ العلوم المالية والمصرفية المساعد بجامعة حضرموت

مقالات الكاتب