العقود المؤجلة واسعار البورصة

مدير عام فرع الحديدة - المتحدث الرسمي بأسم شركة النفط اليمنية

    اولاً ماذا تعني العقود الأجلة ؟
هي عقود تلزم المشتري بشراء النفط في تاريخ مستقبلي وبسعر محددين مسبقاً، وهنا يسعى المواطن البسيط دائما للسؤال حول أسعار المشتقات النفطية في البورصات العالمية، ظناً منه بأنها ستنخفض مباشرة بمجرد انخفاض البورصة العالمية، والموضوع ببساطة ان الارتفاع هو عكس الانخفاض تماما، وسأحاول هنا سرد بعض الحقائق البسيطة للتوضيح.

منذ بداية مايو الماضي بدأت اسعار النفط بالارتفاع، وذلك انعكاسا للحرب الروسية الاوكرانية والعقوبات الغربية الامريكية على النفط الروسي، مع اعتماد دول الاوبك على الالتزام بأتفاقها مع روسيا على عدم رفع الانتاج، مما تسبب في ثبات وتقليل الانتاج العالمي، وبالتالي تأثر الاسعار بالارتفاع الجنوني،بدأت الحرب الروسية الاوكرانية في فبراير ، تلتها مباشرة العقوبات الامريكية الغربية، ولم تتأثر اسعار النفط في حينه بل ظلت ترتفع اسعار بورصة العقود الأجلة واسعار البيع في الاسواق المحلية ثابته، حتى وصلت عقود مايو، وبهذا بدأت الاسعار ترتفع انعكاسا لاسعار العقود المؤجلة.

وقد تعدت اسعار البورصة في شهر يوليو الماضي حاجز ال130 دولار للبرميل الواحد، (اتحدث هنا عن النفط الخام بينما تجاوز النفط المكرر حاجز ال150 دولار للبرميل الواحد)، ومع بداية شهر يونيو بدا واضحا ان العقود الاجلة بدات بالأنخفاض وانعكس هذا الانخفاض بسبب صدور بيانات الصناعة التي تظهر تباطؤ انشطة التصنيع في الولايات المتحدة الامريكية وايضا في الصين اعلى مستهلك في العالم للوقود، مما انعكس على ركود في البيع بسبب مخاوف الشركات النفطية من الوصول الى الركود الاقتصادي، وذلك كما حصل للركود الاقتصادي الأسوء الذي مر به العالم في عام 2008م.

فبدأت الاسعار بالهبوط السريع جراء هذه المخاوف وكان من الواضح بانها ستكسر حاجز الهبوط دون ال100 دولار بل وقد تصل الى 80 او 70 دولار للبرميل الواحد، إلا ان اسعار النفط عاودت الارتفاع الطفيف بسبب بيان المؤسسة الوطنية للنفط الليبية عن حالة القوة القاهرة في مينائي السدرة وراس لانوف وحقل الفيل النفطي، والذي اكدت فيه إن القوة القاهرة لا تزال سارية في مينائي البريقة والزويتينة مما يعني تخفيض الانتاج الى اقل من الثلث من الانتاج اليوم ، كما تأثرت النرويج بالاضرابات العمالية لنقابات النفط وانعكس ذلك في تخفيض الانتاج ليعاود النفط تثبيت اسعاره فوق حاجز ال100 دولار للبرميل.

الجدير بالذكر هنا أن سوق البورصة العالمية تعتمد على العقود الأجلة، اي ان اسعار البورصة التي نشاهدها على شاشات البورصة العالمية يوميا، هي ليست اسعار اليوم نفسه بل هي عقود أجله يتم بيعها لبعد شهرين الى ثلاثة اشهر وبلغة ابسط فأن المواطن لن يلمس هذا الفارق إلا بعد شهرين الى ثلاثة اشهر عندما تصل الكميات المشتراة بالعقود الاجلة لشهر يونيو او يوليو (طبعا مع ثبات اسعار الصرف للعملة الصعبة)وحتى ان نزل سعر البرميل الى 10 دولار او اقل من ذلك ، كما حدث في موجة كورونا 2020 فإن الاسعار لا تتاثر بشكل مباشر بل سيظهر هذا التأثير بعد شهرين الى ثلاثة اشهر حين وصول موعد هذه العقود الاجلة.

وبالتالي فأن الاسعار الحالية هي نتاج بيع العقود الأجلة لشهر مايو وما قبله، كما ان التأثر الحاصل لدينا مرتبط بعوامل اخرى ايضا، وهي اسعار النقل التي ايضاً ارتفعت بسبب حظر السفن الروسية، كما ان اسعار التأمين مرتفعة لليمن بسبب اعتبارها منطقة حرب وبالتالي فالتأمين عالي، إضافة لكل ذلك فان هناك برميم اعلى وارباح التجار كما ان هناك تأثير مباشر من اسعار العملة الصعبة، جميع هذه هي مؤثرات مباشرة تتدخل في تحديد سعر البيع المحلي.

نتمنى ثبات هبوط العقود الاجلة مع هبوط ملموس لاسعار الصرف والذي بدوره سينعكس على اسعار النفط محلياً بأذن الله، فشركة النفط هي مجرد وسيط تقوم بأحتساب كلفة الشراء مضروب في سعر الدولار مع اضافة بقية التكاليف والعائدات الحكومية لتحدد السعر العادل للبيع، ولا تقوم بالرفع او التخفيض وفقاً رغبتها.

وفي اعتقادي بان سوق النفط سيشهد تحسن كبير خلال الفترة القادمة بعد القمة الامريكية العربية المنعقدة في جده السعودية، والتي اكد خلالها الامير محمد بن سلمان بأن السعودية ستزيد من انتاجها الى 13 مليون برميل يوميا.

مقالات الكاتب