إلى من يهمه الأمر...أهل عدن قبل النزوح.!

يمكن تصنيف أكثر سكان عدن ضمن الفئات الأشد ضعفًا في المجتمع، اعتمادًا على المعايير الدولية حيث لا يوجد فرق بينهم وبين اللاجئين من القرن الأفريقي أو النازحين إليها من مناطق الصراعات الدائرة في البلد، بل يمكن القول إن كثير من اللاجئين والنازحين يتمتعوا بظروف حياة أفضل من أغلب سكان عدن.

يمر البلد عمومًا بظروف غاية في التعقيد حيث ينتشر الفقر والجوع والحرمان على نطاق واسع ويشهد أسوأ أوضاع إنسانية على مستوى العالم حسب تقارير المنظمات الدولية.

وتعاني عدن وغيرها من مناطق البلاد أوضاع معيشية معقدة للغاية. حيث شهدت مدينة عدن أحداث وتطورات عاصفة منذ الاستقلال حتى اليوم،  أحدثت تأثيرات مروعة على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وأثرت بشدة على النسيج الاجتماعي و أحدثت خلل عظيم في التركيبة السكانية والنفسية  للمجتمع المدني للمدينة فقد انتقلت من مركز تجاري ومالي (رأسمالي) عالمي إلى عاصمة ثورية تطبق مبادئ التأميم وأفكار القطاع العام ذو الصبغة الاشتراكية ومن عاصمة لدولة إلى محافظة هامشية سميت اسمًا عاصمة اقتصادية، ومرت المدينة بموجات متتالية من الصراعات و الحروب ولذا فقد شهد سكانها أشكال مختلفة من النزوح فقد مر سكانها بالنزوح الاختياري الداخلي للفقراء من المدينة إلى الأطراف أو إلى الأرياف ( بالطبع شهدت نزوح كبير جدًا من المدينة إلى الأرياف وهذا ليس موضوعنا ) كما شهدت النزوح الاختياري والاجباري أو الاضطراري إلى الخارج للأغنياء والميسورين إلى دول مختلفة ومنها مصر والسعودية ودول الخليج وتركيا و بقية دول العالم للحصول على فرص أفضل  للعمل أو الإقامة أو للاستثمار أو اللجوء الإنساني أو  السياسي بحثًا عن حياة آمنة وأفضل في بلاد أخرى بعد ما  ضاعت فرص تحقيق ذلك في المدينة والبلد .

عمومًا يمكن عرض أهم الأسباب والمؤشرات التي قد تحول سكان عدن إلى نازحين والدفع بهم إلى مغادرة منازلهم وجهات أخرى:

·       الفقر الناتج عن فشل التنمية.

·       نفاذ المدخرات التي تم التصرف بها لسد حاجات الأسرة.

·       توقف صرف الأجور لفترات طويلة أو التسريح القصري من الوظيفة.

·       بيع مقتنيات الأسر ومنها الذهب والسيارات والأراضي وغيرها من السلع المعمرة أو رهنها لتدبير مصاريف النزوح أو الهجرة.

·       بيع الأثاث حيث نشاهد إعلانات لبيع الأثاث المنزلي للأسر؛ لشراء الغذاء الضروري للبقاء.

·       عدم القدرة على العيش بسبب انهيار خدمات الكهرباء وشحة المياه

·       عدم القدرة على دفع فواتير التعليم والصحة.

·       عدم القدرة على دفع إيجار السكن المرتفعة.

·       صعوبة الحصول على مصادر للعيش وغياب فرص العمل.

·       ارتفاع الأسعار يومًا بعد يوم.

·       ارتفاع تكاليف المواصلات والاتصالات.

إن تلك العوامل وغيرها تدفع الناس إلى النزوح من مستويات المعيشة الوفيرة إلى مستويات متدنية والاضطرار إلى الرحيل من المدينة.

مقترحات وحلول

من الأهمية بمكان قيام السلطات بمعالجات سريعة لإعادة تنشيط الاستثمار العام والخاص لخلق مجالات عمل وخلق وظائف للشباب وكذا القيام بإصلاحات في السياسات المالية والنقدية ومنها رفع رواتب الموظفين إلى نسبة تتساوى فيها القدرة الشرائية لأجور الموظفين ورفع القوة الشرائية للريال إلى نفس المستويات في صنعاء أو العمل على مساواة سعر الصرف في عدن وصنعاء، إلى جانب تنفيذ الإجراءات التالية:

· تنظيم وتطوير قاعدة بيانات حول الفئات الهشة في عدن والمعتمدين في شبكة الأمان الاجتماعي وذوي الدخل المحدود من الموظفين براتب شهري لا يقل عن مائة دولار شهريًا والمتقاعدين والمسرحين من أعمالهم قصرًا والعجزة بدون عائل وذوي الاحتياجات الخاصة لتحديد المحتاجين بدقة وعلى أسس صحيحة وشفافة ومعاملتهم أسوة بالنازحين المعتمدين لدى المنظمات الدولية.

· تصميم برنامج جديد للحماية الاجتماعية من الفقر والتشرد بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والمستفيدين.

· تأسيس برامج وصناديق محلية تقوم على إشراك القطاع الخاص المحلي في الإدارة والتمويل إلى جانب المنظمات الدولية غير الحكومية لتقديم حلول للتخفيف من الفقر للفئات الضعيفة في المدينة.

· تدريب الشباب والنساء وتأهيلهم لسوق العمل للاعتماد على الذات.

·الاستثمار في مشاريع تخلق فرص عمل تُدر دخلا، ودعم الأسر والشباب والنساء لإقامة مشاريع صغيرة.

إن الهدف من تلك الإجراءات المقترحة هو التخفيف من حدة الفقر وبقاء المجتمع متماسك ومصون.

 

د. حسين الملعسي

رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية

مجلة الرابطة الاقتصادية عدد اغسطس

مقالات الكاتب