وديعة المليار دولار السعودية: لن تخرج اليمن من أزمته الإقتصادية؟!

لقد ذهب مؤخرا  بعض الاقتصاديين  الى اطلاق تحذير  من افلاس الدولة اليمنية ممثلا بدولة الشرعية لكن من الاحرى ان نعرف  ماذا يعني إفلاس الدول ؟

ليس من السهل اعلان دولة في الظروف الاقتصادية المعاصرة الافلاس وابرز مثال على ذلك دولة لبنان فعلى الرغم عجز الدولة اللبنانية من دفع ديونها الخارجية وعبء هذه الديون لم تعلن هذه الدولة الافلاس بل سارعت لاجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي رغم الصعوبات والمحددات بهدف اصلاح موازينها الاقتصادية ومؤشراتها الاقتصادية الكلية. 
لكن :
الافلاس يعني مايعنية عدم قدرة الدولة على دفع قروضها الخارجية وعبء هذه القروض وعندما تصل الدولة الى هذا الوضع تعلن افلاسها او توصف بأنها دولة مفلسة. وفي هذا السياق عملت حكومة الشرعية على دفع ديونها الخارجية بالرغم من الحرب و الازمة الاقتصادية كما عقدت  اتفاقيات مع بعض الدول المقرضة لتأجيل سداد الدين مثل اليابان ودول أخرى من تلك التي  وافقت دولها على تأجيل سداد ديون الدولة اليمنية واكبر الدول و الجهات الدائنة لليمن هي المملكة السعودية وروسيا والصندوق العربي والبنك الاسلامي هذا عدا الى مؤسستي الصندوق والبنك الدوليين ..
لكن من نظرة اولية فان حجم الدين الخارجي نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي في اليمن  هو في الحدود الطبيعية الأمنة فهو لايزيد عن 40% من قيمة الناتج المحلي الاجمالي وبامكان الدولة الاستمرار في خدمة الدين الخارجي بافتراض تعافي الاقتصاد اليمني وعودة انتاج و تصدير النفط  من حقول حضرموت وشبوة وعودة الاستقرار الى اليمن.. 
الجدير بالقول انه في ظروف الدول التي تعيش حالة حرب اهلية او غير اهليه  كسوريا واليمن لايوجد  خيط رفيع بين افلاس الدولة  وواقع الازمة السياسية والاقتصادية  التي تعيشها المتولدة عن الحرب.
ولهذا طرح مسألة افلاس الدولة في سياق مفهوم الافلاس الاقتصادي غير وارد من الناحية الموضوعية  وليس  ذات اهمية من المنظور السياسي والاقتصادي لان الدول التي تعيش اوضاع الحرب هي في حقيقة الامر ينطبق عليها الى حد كبير وضع الدولة الفاشلة من نواحي عديدة.. كما ان الدول والمؤسسات الاقليمية والدولية الدائنة  تدرك  طبيعة تداعيات الحرب على اكثر من صعيد  والتي تؤثر على كل المؤشرات الاقتصادية الكلية بمافي ذلك حالة ميزان المعاملات  الخارجية للدولة .
وديعة المليار دولار لن تخرج اليمن من ازمتة الاقتصادية ؟

انا هنا اود التاكيد  على تصريح  محافظ البنك المركزي عشيت التوقيع 
على الوديعة السعودية التي طال امد التحاور بشانها  المقدرة بمليار دولار وهي عمليا تنطبق عليها شروط القرض وليس المنحة والذي  قال فيه ان الوديعة او بالاحرى القرض لن تخرج اليمن من الكارثة الاقتصادية ولكنها سوف تساعد على تعزيز الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي  وستمكنة من الحفاظ على استقرار سعر الصرف و مواصلة  تأمين حاجة اليمن للاستيراد  والوفاء برواتب موظفي الدولة  من خلال مواصلة عملية سحب فائض السيولة الى حين..  وهذا شيء طبيعي..
لأن مواجهة الازمة الاقتصادية في اليمن يتطلب استئناف تصدير النفط والبدء في تصدير الغاز بعد ان يجري إعادة النظر في اتفاقية بيع الغاز المسال التي منحت شركة  توتال الفرنسية  وشركاؤها  الغاز اليمني دون مقابل تقريبا..
وكل هذا عدا عن تحصيل الموارد السيادية الضريبية والجمركية الى حساب الحكومة في البنك المركزي والعمل على انجاز اصلاحات اقتصادية حقيقية لاتحتسب فقط الأثر المالي للاصلاح  ولكن تؤخذ بعين الاعتبار الأثر الاقتصادي والاجتماعي  وخلق مثل هذه الظروف وانجاز مثل هذه الشروط تستلزم الدخول في هدنه طويله تؤمن الوصول الى اتفاقية سلام تنهي الحرب في اليمن .

د.يوسف سعيد احمد

مقالات الكاتب