( الاسهال النقدي )، في عدن، ولا ( اليبوسة النقدية ) في صنعاء.

استخدم بنك صنعاء المركزي، سياسه نقدية ( إنكماشية ),اشد مما ينبغي. من خلال :--
1-- تجريم تداول ( الطبعة الجديده )، من الريال، في مناطق حكم الحوثي. وحصر التداول النقدي فيها على ( الطبعه القديمة ). الامر الذي حصر حجم الاوراق النقدية المتداولة في ( 1.425 ترليون ريال ). تتناقص يوما بعد آخر نتيجة لتأثير عوامل الاستخدام من اهتلاك و تمزق و ضياع.   
2--  التوقف عن دفع مستحقات استثمارات بنوك صنعاء، و موسسات التامين والضمان الاجتماعي، في ( اذون الخزانه، والسندات الحكومية، وشهادات الايداع، والصكوك الاسلامية ). 
3-- التوقف عن احتساب الفوائد و الارباح على استثمارات البنوك ومؤسسات التامين. وتحويل اصل تلك الاستثمارات الى حسابات جارية غير قابله لتسييل. 
4-- تجميد الاحتياطي الالزامي للبنوك، لدى البنك المركزي صنعاء. وايقاف تزويد البنوك التجارية و الاسلامية بحاجتها من ( السيوله النقدية ) من ( الطبعة القديمة ), التي فرض تداولها في مناطق حكم الحوثي.
5-- التوقف عن تمويل عجز الميزانية الخاصة ( بحكومة الحوثي ).
   وباستخدام الوسائل الامنية والادارية الارهابية،  تم طرد 

( الطبعة الجديدة ) من الريال. وتنفيذ بقية الاجراءات النقدية القاسية جدا، -- المشار اليها اعلاه--. وبذلك تمكن بنك صنعاء المركزي، من تخفيض ( العرض النقدي ) المتداول، في مناطق حكم الحوثي، من ( 3,635 ترليون ريال )، في منتصف عام 2016م. وتثبيته عند ( 1.425 ترليون ريال يمني ) حتى الآن. الامر الذي ادى الى ( تقليص قسري )، في ( العرض النقدي ) يقل عن ( الطلب عليه ). مما اوجد ( استقرار وهمي ). لا بل وارتفاع في سعر صرف ريال ( الطبعة القديمه )  من حوالي( 600 ريال/ دولار ) الى حوالي ( 550 ريال/ دولار ). --- و كلما تناقصت كمية ( العرض النقدي ) بالاهتلاك والتمزق والضياع، وغيرها. سوف يتناقص سعر صرف الدولار ---.
لكن هذه الاجراءات ( الانكماشية )، شديدة القساوة، ادت الى خلق حالة ( ركود اقتصادي) في مناطق حكم ( الحوثي ) اشد بكثير، مما هو علية الوضع في مناطق حكم الشرعية. ومن اهم مظاهر ذلك ( الركود الاقتصادي الشديد). المآسي التاليه :--
1-- توقف حكومة الحوثي عن دفع مرتبات معظم موظفي الخدمة العامه للسنه الخامسه على التوالي. مما ادى الى تحول معظم المتوقفة رواتبهم، الى العمل بنظام هو ( الاسوء في التاريخ )، حتى انه اسوء من ( نظام عمل العبيد ) في المجتمعات الاقطاعية القديمة. حيث يعمل الموظف لصالح

 ( حكومة الحوثي )، بدون اجر و بدون حتى ( سخرة العبد) المتمثلة في إطعامه واسرته. ويتحمل الموظف هذا ( الظلم )، خوفا من فقدانه لوظيفته واستبداله بآخرين، متوفرين ومستعدين للتضحية بالعمل المجاني لسنوات. في سبيل الحصول على التوظيف في النهاية.
2-- منع ( حكومة الشرعية ) من دفع المرتبات لبعض القطاعات المهمة مثل ( القضاء، والجامعات ), وغيرها في مناطق حكم الحوثي. وذلك بعد تجريمه التعامل ( بالطبعة الجديدة ). وكان من الافضل والاكثر منطقيه هو ان يعتبر ( الطبعة الجديدة )، وكانها عمله اجنبية. ويتعامل معها بنفس تعامله مع عملات دول ( العدوان ). 
3-- توقف كامل عن تزويد السكان بالتيار الكهربائي من الشبكة الحكومية. وشراء الكيلو واط/ ساعة من الكهرباء باكثر من 

( 33 ضعف). و بأكثر من سعره العالمي. 
4-- توقف كامل عن تزويد السكان بالمياه من الشبكة الحكومية. ثم رفع قيمة ( المتر المكعب ) من المياه الى اكثر من الضعف.
5-- تضاعف الجباية للجمارك والضرائب والرسوم الحكومية. وزيادة الالتزامات الخاصه ( بالزكاه ), و ( الخمس )، و زيادة التبرعات ( للمجهود الحربي )، و ( للاحتفالات الدينية) وغيرها. 
6- شحة شديدة في ( السيولة النقدية ), لدى البنوك وشركات التامين، اوصلت معظمها الى، التوقف عن ممارسة نشاطها، و الافلاس غير معلن.
7-- شحة شديدة في ( السيولة النقدية )، لدى السكان في مناطق حكم الحوثي، ادت الى عرقلة عملية الانتاج في معظم المجالات.
8-- انخفاض اكبر في حركة النشاط التجاري. مقارنة بمناطق حكم الشرعية.
9-- هروب اكبر لراس المال، مقارنة بمناطق حكم الشرعية.
10-- توقف الانتاج في كثير من شركات القطاع الخاص و الموسسات الحكومية، وانخفاض الانتاج في ما تبقى يعمل منها. 
11-- انخفاض اكبر لفرص العمل. مقارنة بمناطق حكم الشرعية. 
12-- تفاقم اشد لحالة الفقر و البطاله، مقارنة بمناطق حكم الشرعية.   
    على الرغم من ( الاخطاء الفادحة، والفشل المريع، والفساد المخزي )**، الذي مارسته الادارات السابقة للبنك المركزي في عدن، الا ان ( اسهال عدن )، -- من وجهة نظرنا -- يظل افضل و بكثير  من ( يبوسة صنعاء ). وذلك للاسباب التالية :-
1-- لان ( الدين الداخلي العام  )  في ظل ( الاسهال النقدي )، يضمحل تدريجيا، فتتقلص قيمته الفعلية، ويتم حل مشكلته تدريجيا. بينما تزيد ( اليبوسه النقدية )، من تعقيد مشكلة 

( الدين الداخلي العام )،  وتزيد من قيمته، فتزداد المشكلة تعقيدا. 
2--   في ظل ( الاسهال النقدي ) يؤدي ( الاكراه الاقتصادي ), للمجتمع، الى دفع افرادة للبحث عن عمل اضافي يمكن إيجاده. بينما  تودي ( اليبوسة النقدية ) الى انعدام وجود العمل. مما

 ( يغلق السبل ) امام المجتمع فيدفعه ذلك اما الى الهجره، او الى ( الثورة ).
3--  صحيح ان ( الاسهال النقدي ) يحل المشكلة الاقتصادية، من خلال ( تكافل غير عادل ). لكن ( اليبوسة النقدية )، تؤدي الى تفاقم تاثير المشكلة الاقتصادية -- بزيادة الدين العام --, فيصبح حلها في المستقبل اكثر قساوة والما على المجتمع. الامر الذي يدفع -- عند انتهاء الصبر --، الى عدم الاستقرار السياسي. و الفوضى و الحروب.
  فاذا لم يتم حل مشكلة ( الدين الداخلي العام )، في زمن الحرب والمجتمع  ( مشتد )، و ( متكاتف ) مع السلطة -- لوجود عدو خارجي --، وفي حالة ( حماس ) و استعداد ( للصبر ), وتحمل ( الظروف الصعبه )، فان تخفيض ( الدين العام )، واصلاح الاقتصاد، بعد انتهاء الحرب يصبح عملية خطيرة للغاية، تحتاج الى( وقت اطول )، و ( صبر اكبر ) والى ( سياسات اكثر ابداعا و حداثه )، هي غير متوفره -- اصلا -- لدى النخبة الحاكمة في اليمن. لذلك تكون العودة الى الحرب الاهلية, اتجاه اجباري. 
في الاخير : فان المعيار الاسهل لاثبات افضل ( الاسهال النقدي ) في عدن. مقارنة ( باليبوسة النقدية ) في صنعاء، هو اتجاه انتقال (  راس المال والعمل ). فمن يهرب منه العمل وراس المال هو الاسوء، وهو الخاسر، وهو الفاشل. والعكس صحيح.

ان رفع شعار ( العدوان ) لا يبرر التغطية على فشل ( السياسات النقدية ) لبنك صنعاء المركزي، الذي ساهم ب( سياساته الانكماشية ) في تفاقم المشكلات الاقتصادية. و باصراره عليها يسير  بالمجتمع في مناطق حكم ( الحوثي ) -- بخطى حثيثة -- نحو ( اكبر مجاعة ) في التاريخ.( اللهم اني بلغت. اللهم فاشهد ).
** سيتم توضيح ذلك في مقال اخر.
د. محمد حسين حلبوب 
استاذ المالية والاستثمار المساعد جامعه عدن.
رئيس مجلس ادارة البنك الاهلي اليمني